![أحمد وظلال الوحدة: قصة رعب نفسي غامضة حين يخونك المكان الآمن صورة [غامضة لشاب] من قصة [قصص رعب نفسي] بعنوان [أحمد وظلال الوحدة: حين يخونك المكان الآمن] على موقع الممر 404 اصوات خلف النصahmad-shadows-of-loneliness](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgFRnHO6I-T1ZuLkpU47m6ZLKxq0UPqunYVK9-6XA6jH7cw1xHC8abD1T1UEsdUDpxwt7utbTTIDfbP_-ME7dow470RtK7Yz8XTTzjnmw6hNZxmDSAEq3cK5erCiaJxS0LI2RVQS-FqskLWHMK2YgzfVffw-QXydDi9F18kav_QxdFZQNCIXg_so74IL_Ui/s16000-rw/a-terrifying-picture-of-a-young-man-.webp)
أحمد وظلال الوحدة: قصة رعب نفسي غامضة حين يخونك المكان الآمن
بداية القصة :
الهدوء كان يلف المدينة كما يلف الغبار الأثاث القديم، تمامًا كما تفعل تلك اللحظات الغامضة التي نقرأها أحيانًا في قصص رعب نفسي. مدينة لا تحدث فيها أشياء كثيرة، تسير بإيقاع رتيب كساعة جدارية لم تعد تخبر الوقت بل تكرره. أحمد، شاب ثلاثيني يعمل في شركة هندسية، يعيش بمفرده في شقة بالطابق السادس. لم يكن يزوره أحد. لم يكن يبحث عن الزيارات أيضًا. اعتاد أن يقنع نفسه أن هذا كافٍ... وربما كان يصدق.
شقته الصغيرة كانت عالمًا مغلقًا. جدران بيضاء، أثاث رمادي صامت، مكتبة صغيرة بجوار السرير تحوي كتبًا نصف مقروءة. كان يجد راحته في الصمت، ويجد ذاته في العزلة. كل شيء منظم، نظيف، ساكن. لكنه لم يعلم أن هذا السكون سيصبح هو ذاته مصدر الفوضى. لأن الصمت، أحيانًا، يخفي أصواتًا لا يمكن احتمالها.
في مساء بارد، بينما كان أحمد يشاهد فيلمًا وثائقيًا عن الفضاء، شعر بشيء غريب. رائحة خفيفة لكنها نافذة، وكأن التراب الرطب والعفن تسرّبا من مكان غير مرئي. رائحة غير مألوفة، وكأن شيئًا دُفن حديثًا في عمق الجدران. أوقف الفيلم، نهض وبدأ رحلة تفتيش داخلية: فتح الخزائن، فحص النفايات، تفقد الشرفة. كل شيء كما تركه، نظيف ومرتب.
ومع ذلك، الرائحة لم تختفِ. كانت تخرج من الجدران نفسها، من قلب المكان. حاول تجاهل الأمر. ربما شيء من الخارج، ربما خيال. لكن الرائحة عادت، كل ليلة، في نفس الوقت تقريبًا، كما لو أن وجودها صار جزءًا من روتينه.
وفي الليلة الثالثة، استيقظ على صوت غريب. لم يكن صوتًا مرتفعًا، بل كان أقرب إلى الحفيف، كأن أوراقًا جافة تُسحب على الأرض ببطء. الصوت قادم من الممر المؤدي إلى المطبخ. جلس في سريره متجمّدًا، محاولًا أن يفهم إن كان يحلم. ساد الصمت بعدها، لكنه لم يستطع العودة للنوم. لم يجرؤ على النهوض. الصوت لم يكن مجرد ضوضاء عشوائية، بل كان يحمل إيقاعًا، نغمة متعمّدة.
توالت الليالي، وكل شيء بدأ يتغيّر. أحمد بدأ يشك في نفسه، ثم يحاول إقناعها أن كل ما يحدث بسبب ضغط العمل. لكنه في داخله كان يعرف الحقيقة: الشقة تغيّرت. لم تعد كما كانت. الهدوء الذي كان يمنحه السلام، صار يخيفه. الوحدة التي كانت تحميه، أصبحت عبئًا يثقل عليه. كل ركن في المكان بدا مألوفًا لكنه غريب في الوقت ذاته.
وفي إحدى الليالي، بينما كان يقرأ رواية، سمع نقرًا منتظمًا. خفيفًا، لكنه واضح، وكأن أحدهم ينقر على خشب الباب... من الداخل. قلبه خفق بقوة. الصوت قادم من الغرفة التي يستخدمها كمخزن، غرفة لا يدخلها أحد. مد يده نحو الباب ببطء، وفتحه. الغرفة كانت خالية. صامتة. لكنه عندما أغلق الباب... عاد النقر من جديد.
في صباح اليوم التالي، وأثناء تحضير القهوة، لاحظ أن أحد الكراسي على طاولة الطعام لم يكن في مكانه. كان منسحبًا وكأن أحدًا استخدمه. أحمد لا يستقبل أحدًا، ولا أحد يملك نسخة من مفتاح الشقة. أرجع الكرسي لمكانه، لكن في الليلة التالية، وجده في نفس الوضعية. تكرر الأمر أكثر من مرة، وكأن الكرسي يصر على الحركة.
مرّت الأيام، والمواقف الغريبة تكاثرت. في أحد الصباحات، استيقظ من كابوس ثقيل، ودخل الحمام ليجد المرآة مغطاة ببخار. لم يستخدم الماء الساخن، ولم يكن هناك سبب لهذا البخار. مسح الزجاج بكفه... ورأى خلفه ظلًا يمر سريعًا عبر الممر. التفت بعنف، لكنه لم يجد أحدًا. رغم ذلك، قلبه لم يعد كما كان.
ثم جاءت الليلة التي تغيّر فيها كل شيء. استيقظ أحمد عند الثالثة فجرًا. شعر ببرودة غير طبيعية. كأن الهواء يُسحب من رئتيه. نظر نحو الباب، فوجده مواربًا... رغم أنه يتأكد دائمًا من إغلاقه. اقترب منه بخوف، لم يفتحه، فقط نظر عبر الفتحة الصغيرة... ورأى ظلًا طويلًا يقف في نهاية الممر. لم يتحرك الظل، ولم يحتج أحمد للحركة ليفهم أنه ليس وحده. الكيان كان هناك، واقفًا، يراقب.
لم يستطع أحمد أن يتحرك. شعر بأن الأرض تمسك قدميه. الهواء أصبح ثقيلًا، والضوء باهتًا. دقات قلبه تصدح في أذنيه. ثم، بخطوة بطيئة، بدأ الظل يقترب. لم يصرخ. لم يركض. فقط سقط على الأرض، كما لو أن الظلام ابتلعه.
استفاق صباح اليوم التالي على الأرض، جسده بارد، حلقه جاف، لا يذكر كيف نام أو متى انتهت الليلة. كل شيء في مكانه، لكن شيئًا داخله تحطم. لم يعد يشعر بأن شيئًا طبيعي.
مرت أسابيع. أحمد لم يعد يأكل كثيرًا، صار يتهرّب من النوم، يغلق كل الأبواب، يغطي كل المرايا، يرفض زيارة الأصدقاء، لا يرد على المكالمات. ترك العمل، واعتكف في شقته. الناس ظنوا أنه مرهق. لكن الحقيقة؟ أنه رأى ما لا يمكن نسيانه.
الخاتمة :
الناس يثقون في منازلهم. يرونها أماكن آمنة. لكن ماذا لو أن هناك شيئًا يسكن الجدران؟ شيئًا لا نراه، لكنه يرانا؟ شيئًا يعيش في صمتنا، في وحدتنا، في هشاشة أرواحنا؟ أحمد لم يكن يحلم. ولم يكن مجنونًا. كان فقط الضحية الوحيدة التي رأت الحقيقة كما هي: أن الرعب لا يختبئ في الغابات المظلمة أو البيوت المهجورة، بل يعيش في الزوايا الأكثر ألفة في حياتنا... في البيت، في الوحدة، في أنفسنا.
لم يكن "أحمد" ضحية ظاهرة خارقة فحسب، بل كان شاهدًا على كيف تتحوّل الوحدة إلى كائن حي… يتغذى على الصمت والظلال والاعتياد.
الرعب النفسي الحقيقي لا يصرخ ولا يركض خلفك… بل يجلس معك، بهدوء، في المكان الذي تظنه الأكثر أمانًا.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا في الفراغ: متى كانت آخر مرة نظرت فيها إلى ظلك… وتأكدت أنه لا ينظر إليك؟
هل عاش أحمد تجربة خارقة؟ أم أنه فقط أدرك عمق ما نخشى أن نعترف به؟ ربما لم يكن وحده أبدًا...
لعشاق قصص الرعب النفسي والمُظلمة والغامضة الغرفة الحمراء المحرمة.